إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
58996 مشاهدة print word pdf
line-top
الحديث المعلَّل

وَما بِعِلةٍ غُموضٍ أَوْ خفَا مُعَلَّلٌ عِندَهُمُ قَـدْ عُرِفَا
الحديث المعلَّل:
قوله:
(وما بعلة غموض أو خفا...معلل عندهم قد عرفا).


(المعلول) عندهم ما فيه علة خفية قادحة، والعلة هي ما يطعن به في الشيء ومنه سمي المرض علة، والعلة اسم للعيب والطعن في الشيء، يطعن في الحديث بطعن، ويكون ذلك الطعن علة، ولا بد أن تكون العلة شيئا خفيا، بحيث إن الذي لم يمارس الأسانيد ونحوها ينخدع بهذا الحديث فيقول: صحيح لا عيب فيه، فظاهره متصل فيحكم بقبوله لكن أهل الأسانيد والعلم بالأحاديث يعرفون صحته أو ضعفه، فَيَطَّلِعُون على عيب خفي يسمونه علة في هذا الحديث، سواء في إسناده أو في متنه، وقد ألَّفوا في ذلك مؤلفات، ولعلك قرأت (كتاب العلل) لابن المديني، مطبوع في نبذة متوسطة، تكلم فيها على علل الحديث، وكيف تُسْتَنْبَط، وكيف تُعْرَف.
وممن ألّف في علل الحديث ورتبها على الأبواب ابن أبي حاتم كما تقدم في أول الكلام، وكتابه مطبوع في مجلدين كبيرين، اسمه (علل الحديث) رتبه على أبواب الفقه، فكتابُ الطهارة ذكر فيه علل الأحاديث التي في الطهارة، وكتاب الصلاة وهكذا، وأوفى من ألف فيه الدارقطني فإنه استوفى جميع العلل التي في الأحاديث، حتى تكلم على الأحاديث التي في الصحيحين، وذكر أن في بعضها علل، وسرد الاختلاف والاضطراب الذي يطعن به، فتارة يذكر أن بعضهم أخطأ في الموقوف فرفعه وقد كان أصله موقوفا على صحابي فأخطأ بعضهم فرفعه، وتارة تكون العلة الوصل، فقد يكون أصله مرسلا فأخطأ بعضهم فوصله، وكذا المنقطع قد يصله بعضهم خطأ وهو منقطع، وهكذا، هذه أنواع العلل، وأمثلتها في تلك الكتب.

line-bottom